فصل: مناسبة الآية لما قبلها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



إن اللّه، جلّ ذكره، لما استخلف آدم على ذرّيته، وسلّطه على جميع ما في الأرض من الأنعام والطير والوحش- عهد إليه عهدا أمره فيه ونهاه، وحرّم عليه وأحلّ له، فقبله، ولم يزل عاملا به إلى أن حضرته الوفاة، فما حضرته، صلّى اللّه عليه وسلم، سأل اللّه أن يعلمه من يستخلف بعده، ويقلّده من الأمانة ما قلّده. فأمره أن يعرض ذلك على السموات بالشّرط الذي أخذ عليه من الثّواب إن أطاع، ومن العقاب إن عصى. فأبين أن يقبلنه شفقا من عقاب اللّه.
ثم أمره أن يعرض ذلك على الأرض والجبال، فكلّها أباه.
ثم أمره أن يعرضه على ولده، فعرضه عليه فقبله بالشّرط، ولم يتهيّب منه ما تهيبته السماء والأرض والجبال.
إِنَّهُ كانَ ظَلُومًا لنفسه جَهُولًا بعاقبة ما تقلّد لربّه.
ثم قال: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ} أي عرضنا ذلك عليه ليتقلّده، فإذا تقلّده ظهر نفاق المنافق وشرك المشرك، فعذّبه اللّه به، وظهر إيمان المؤمن فتاب اللّه عليه. وَكانَ اللَّهُ غَفُورًا للمؤمنين رَحِيمًا.
هذا قول على مذهب بعض المفسرين.
وفيه قول آخر:
قالوا: الأمانة: الفرائض، عرضت على السموات والأرض والجبال بما فيها من الثواب والعقاب، فأبين أن يحملنها، وعرضت على الإنسان بما فيها من الثواب والعقاب، فحملها.
والمعنيان في التفسيرين متقاربان.
في سورة الفرقان: {قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزامًا (77)} [الفرقان: 77].
في هذه الآية مضمر وله أشكلت: أي ما يعبأ بعذابكم ربّي لولا ما تدعونه من دونه من الشريك والولد. ويوضّح ذلك قوله: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزامًا} أي يكون العذاب لمن كذّب ودعا من دونه إلها- لازما.
ومثله من المضمر الشاعر:
من شاء دلّى النّفس في هوّة ** ضنك ولكن من له بالمضيق

أراد: ولكن من له بالخروج من المضيق؟
وقال اللّه تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10]، أي من كان يريد علم العزّة: لمن هي؟ فإنها للّه تعالى. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
قوله جل ذكره: (بسم الله الرحمن الرحيم).
بسم الله، اسم عزيز من عبده واصل جهاده، ومن طلبه ودع وساده، ومن عرفه أنكر أحبابه، ومن يسر له أوقفه على محبته.
من ذكره نسي اسمه، ومن شهده فقد عقله ولبه. اسم عزيز جبلت القلوب على محبته، وكل قلب ليس يوقفه على محبته، فليس بحيلة يصل. اسم ما اتصفت أشباح الأبرار إلا بعبادته، وما اعتكفت أرواح الأحرار إلا بمشاهدته. اسم عزيز من عرفه اعترف أنه وراء ما وصفه. تعريفٌ للأحباب بأسرارمعاني الخطاب، حروف خَصَّ الحقُّ المخَاطبَ بها بفهم معانيها، وإذا كان للأخيار سماعُها وذِكْرُها، فللرسول ِ- عليه السلام- فَهْمُها وسِرُّها. ويقال أشار بالكاف إلى أنه الكافي في الإنعام والانتقام، والرفع والوضع على ما سبق به القضاء والحُكْم. ويقال في الكاف تعريفٌ بكونه مع أوليائه، وتخويفٌ بخِّفي مَكْرِه في بلائه. ويقال في الكاف إشارة إلى كتابته الرحمة على نَفْسِه قبل كتابة الملائكة الزَّلَّةَ على عباده. والهاءُ تشير إلى هدايته المؤمنين إلى عرفانه، وتعريف خواصه باستحقاق جلال سلطانه، وما له ن الحق بحكم إحسانه. والياء إشارة إلى يُسْر نِعَمِه بعد عُسْرِ مِحَنِه. وإلى يده المبسوطة بالرحمة للمؤمنين من عباده. والعين تشير إلى عِلْمِه بأحوالِ عَبْدِهِ في سِرَّه وجَهْرِهِ، وقُلِّه وكُثْرِه، وحالِه ومآلِه، وقدْرِ طاقته وحق فاقته. وفي الصاد إلى أنه الصادق في وعده.
{ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)}.
تخصيصه إياه بإجابته في سؤال وَلَدِه، وما أراد أن يتصل بأعقابه من تخصيص القربة له ولجميع أهله.
{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3)}.
وإنما ذلك لئلا يَطَّلَع أحدٌ عبى سِرِّ حاله فأخفى نداءه عن الأجانب وقد أمكنه أن يخفيه عن نفسه بالتعامي عن شهود محاسنه، والاعتقاد بالسُّوء في نفسه، ثم أخفى سِرَّهُ عن الخلْق لئلا يقعَ لأحدٍ إشرافٌ على حاله، ولئلا يَشْمَتَ بمقالته أعداؤه.
قوله جل ذكره: {قَالَ رَبِّ إِنِّى وَهَنَ العَظْمُ مِنّىِ وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا}.
أي لَقِيتُ بضعفي عن خدمتك ما لا أحِبُّه؛ فطعنتُ في السنِّ، ولا قوةَ بعد المشيب؛ فهَبْ لي ولدًا ينوب عني في عبادتك.
قوله جل ذكره: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيًَا}.
أي إني أسألك واثقًا بإجابتك؛ لعلمي بأني لا أشْقَى بدعائِك فإنَّك تحِبُّ أن تُسأل. ويقال إنك عوَّدتني إجابة الدعاء، ولم ترُدَّني في سالف أيامي إذا دعوْتُك.
{وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)}.
{إني خِفْتُ} أَنْ تذهبَ النبوة من أهل بيتي، وتنتقل إلى بني أعمامي فهبْ لي وَلَدًا يعبدك، ويكون من نَسلِي ومن أهلي. وهو لم يرِدْ الولدَ بشهوةِ الدنيا وأَخْذِ الحظوظِ منها، وإنما طلبَ الولدَ ليقومَ بحقِّ الله، وفي قوله: {يَرِثُنِى} دليلٌ على أنه كما سأل الولدَ سأل بِقاء ولده؛ فقال: ولدًا يكون وارثًا لي؛ أي يبقى بَعْدِي، ويرث من آل يعقوب النبوةَ وتبليغ الرسالة.
{واجعله ربِّ رضيًا}: رَضِي فعيل بمعنى مفعول أي ترضى عنه فيكون مَرْضِيًَّا لك. ويحتمل أن يكون مبالغة من الفاعل أي راضيًا منك، وراضيًا بتقديرك. اهـ.

.تفسير الآيات (7- 9):

قوله تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
قيل في جواب من كأنه قال: ماذا قال له ربه الذي أحسن الظن به؟: {يا زكريا إنا} أي على ما لنا من العظمة {نبشرك} إجابة لدعائك؛ وقراءة الجماعة غير حمزة بالتشديد أوفق من قراءة حمزة للتأكيد الذي جيء به، لأن المبشر به لغرابته جدير بالإنكار {بغلام اسمه يحيى} ثم وصفه بما عرف به أن مما شرفه به أن ادخر له هذا الاسم فقال: {لم نجعل له} فيما مضى، ولعله أتى بالجار الدال على التبعيض تخصيصًا لزمان بني إسرائيل قومه فقال: {من قبل سميًا} فكأنه قيل: ما قال في جواب هذه البشارة العظمى؟ فقيل: {قال} عالمًا بصدقها طالبًا لتأكيدها، والتلذيذ بترديدها، وهل ذلك من امرأته أو غيرها؟ وهل إذا كان منها يكونان على حالتهما من الكبر أو غيرها غير طائش ولا عجل {رب} أي المحسن إليّ بإجابة دعائي دائمًا {أنّى} أي من أين وكيف وعلى أيّ حال {يكون لي غلام} يولد لي على غاية القوة والنشاط والكمال في الذكورة {وكانت} أي والحال أنه كانت {امرأتي} كانت شابة {عاقرًا} غير قابلة للولد عادة وأنا وهي شابان فلم يأتنا ولد لاختلال أحد السبيبن فكيف بها وقد أسنت! {وقد بلغت} أنا {من الكبر عتيًا} أي أمرًا في اليبس مجاوزًا للحد هو غاية في الكبر ما بعدها غاية، وقد حصل من ذلك من الضعف ويبس الأعضاء وقحلها ما يمنع في العادة من حصول الولد مطلقًا لاختلال السببين معًا فضلًا عن أن يصلح لأن يعبر عنه بغلام؛ قال البغوي في آل عمران: وقال الضحاك عن ابن عباس- رضى الله عنهما ـ: كان ابن عشرين ومائة سنة، وكانت امرأته بنت ثمان وتسعين سنة؛ وقال الرازي في اللوامع: إن هذا على الاستخبار أيعطيه الله الولد بتلك الحال أم يقلبه شابًا؟ ولله تعالى في كل صنع تدبيران: أحدهما المعروف الذي يسلكه الناس من توجيه الأسباب إلى المسببات، والآخر يتعلق بالقدرة المحضة، ولا يعرفه إلا أهل الاستبصار- انتهى.
{قال كذلك} أي الأمر؛ ثم علله بقوله: {قال ربك} أي الذي عودك بالإحسان، وذكر مقول القول فقال: {هو} أي خلق يحيى منكما على هذه الحالة {عليَّ} أي خاصة {هين} لا فرق عندي بينه وبين غيره {وقد خلقتك} أي قدرتك وصورتك وأوجدتك.
ولما كان القصد تشبيه حاله بالإتيان منه بولد على ضعف السبب بتقديره من النطفة على ضعف سبيتها لكونها تارة تثمر وتارة لا، وهو الأغلب، أتى بالجار إشارة إلى ذلك فقال: {من قبل} أي قبل هذا الزمان {ولم} أي والحال أنك لم: ولما كان عليه السلام شديد التشوف لما يلقى عليه من المعنى في هذه البشرى، أوجز له حتى بحذف النون وليثبت أنه ليس له من ذاته إلا العدم المحض، وينفي أن يكون له من ذاته وجود ولو على أقل درجات الكون لاقتضاء حاله في هذا التعجب لتذكيره في ذلك فقال: {تك شيئًا} أي يعتد به، ثم أبرزتك على ما أنت عليه حين أردت، فتحقق بهذا أنه من امرأته هذه العاقر في حال كونهما شيخين. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)}.
فيه مسائل:
المسألة الأولى:
اختلفوا في من المنادي بقوله: {يا زكريا}، فالأكثرون على أنه هو الله تعالى وذلك لأن ما قبل هذه الآية يدل على أن زكريا عليه السلام إنما كان يخاطب الله تعالى ويسأله وهو قوله: {رَبّ إِنّى وَهَنَ العظم مِنّي} [مريم: 4] وقوله: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيًّا} [مريم: 4] وقوله: {فَهَبْ لِي} [مريم: 5] وما بعدها يدل على أنه كان يخاطب الله تعالى وهو يقول: {رَبّ أنى يَكُونُ لِي غلام} [آل عمران: 40] وإذا كان ما قبل هذه الآية وما بعدها خطابًا مع الله تعالى وجب أن يكون النداء من الله تعالى وإلا لفسد النظم، ومنهم من قال هذا نداء الملك واحتج عليه بوجهين.
الأول: قوله تعالى في سورة آل عمران: {فَنَادَتْهُ الملئكة وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلّى فِي المحراب أَنَّ الله يُبَشّرُكَ بيحيى} [آل عمران: 39].
الثاني: أن زكريا عليه السلام لما قال: {أنى يَكُونُ لِي غلام وَكَانَتِ امرأتي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيًّا قَالَ كذلك قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيّنٌ} [مريم: 8، 9] وهذا لا يجوز أن يكون كلام الله فوجب أن يكون كلام الملك.
والجواب عن الأول: أنه يحتمل أن يقال حصل النداءان نداء الله ونداء الملائكة.
وعن الثاني: أنا نبين إن شاء تعالى أن قوله: {قَالَ كذلك قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيّنٌ} يمكن أن يكون كلام الله.
المسألة الثانية:
فإن قيل إن كان الدعاء بإذن فما معنى البشارة، وإن كان بغير إذن فلماذا أقدم عليه؟ والجواب هذا أمر يخصه فيجوز أن يسأل بغير إذن، ويحتمل أنه أذن له فيه ولم يعلم وقته فبشر به.
المسألة الثالثة:
اختلف المفسرون في قوله: {لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا} على وجهين: أحدهما: وهو قول ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة أنه لم يسم أحد قبله بهذا الاسم.
الثاني: أن المراد بالسمي النظير كما في قوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65] واختلفوا في ذلك على وجوه:
أحدها: أنه سيد وحصور لم يعص ولم يهم بمعصية كأنه جواب لقوله: {واجعله رَبّ رَضِيًّا} [مريم: 6] فقيل له إنا نبشرك بغلام لم نجعل له من قبل شبيهًا في الدين، ومن كان هكذا فهو في غاية الرضا.
وهذا الوجه ضعيف لأنه يقتضي تفضيله على الأنبياء الذين كانوا قبله كآدم ونوح وإبراهيم وموسى وذلك باطل بالإتفاق.
وثانيها: أن كل الناس إنما يسميهم آباؤهم وأمهاتهم بعد دخولهم في الوجود، وأما يحيى عليه السلام فإن الله تعالى هو الذي سماه قبل دخوله في الوجود فكان ذلك من خواصه فلم يكن له مثل وشبيه في هذه الخاصية.
وثالثها: أنه ولد بين شيخ فإن وعجوز عاقر، واعلم أن الوجه الأول أولى وذلك لأن حمل السمي على النظير وإن كان يفيد المدح والتعظيم ولكنه عدول عن الحقيقة من غير ضرورة وإنه لا يجوز، وأما قول الله تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} فهناك إنما عدلنا عن الظاهر لأنه قال: {فاعبده واصطبر لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65] ومعلوم أن مجرد كونه تعالى مسمى بذلك الاسم لا يقتضي وجوب عبادته، فلهذه العلة عدلنا عن الظاهرة، أما هاهنا لا ضرورة في العدول عن الظاهر فوجب اجراؤه عليه ولأن في تفرده بذلك الاسم ضربًا من التعظيم لأنا نشاهد أن الملك إذا كان له لقب مشهور فإن حاشيته لا يتلقبون به بل يتركونه تعظيمًا له فكذلك ههنا.
المسألة الرابعة:
في أنه عليه السلام سمي بيحيى روى الثعلبي فيه وجوهًا.
أحدها: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الله تعالى أحيا به عقر أمه.
وثانيها: عن قتادة أن الله تعالى أحيا قلبه بالإيمان والطاعة والله تعالى سمى المطيع حيًا والعاصي ميتًا بقوله تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فأحييناه} [الأنعام: 122] وقال: {إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يحييكم} [الأنفال: 24].
وثالثها: إحياؤه بالطاعة حتى لم يعص ولم يهم بمعصية لما روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد إلا وقد عصى أو هم إلا يحيى بن زكريا فإنه لم يهم ولم يعملها».
ورابعها: عن أبي القاسم بن حبيب أنه استشهد وأن الشهداء أحياء عند ربهم لقوله تعالى: {بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبّهِمْ} [آل عمران: 169].
وخامسها: ما قاله عمرو بن عبد الله المقدسي: أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام أن قل ليسارة، وكان اسمها كذلك، بأني مخرج منها عبدًا لا يهم بمعصية اسمه حيي. فقال: هبي له من اسمك حرفًا فوهبته حرفًا من اسمها فصار يحيى وكان اسمها يسارة فصار اسمها سارة.
وسادسها: أن يحيى عليه السلام أول من آمن بعيسى فصار قلبه حيًا بذلك الإيمان وذلك أن أم يحيى كانت حاملًا به فاستقبلتها مريم وقد حملت بعيسى فقالت لها أم يحيى: يا مريم أحامل أنت؟ فقالت: لماذا تقولين؟ فقالت: إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك.